المعنى والفرصة في حياتنا

مقتبس من محادثة تعليميّة قدّمتها لاما دفورا – هلا  في المركز الروحانيّ العربة  2015

تأمُّل قصير

إذن نبدأ بتأمّل قصير جِدًّا. حيثما أنتم أغمضوا أعينكم.
اجلسوا بشكل مريح. أغمضوا أعينكم.

فكّروا بشيء واحد فعلتموه اليوم أو ربّما في الأسبوع الماضي، في الماضي القريب. ربّما ذهبتم إلى العمل، ربّما فركتم أسنانكم أو قمتم بأيّ عمل آخر تختارونه. اسألوا أنفسكم لماذا فعلتم ما قمتم به؟

ما الذي أردتم أن تحقّقوه من هذا العمل؟
والسؤال الأكثر أهمّيّة هو إلى أين يأخذكم هذا الشيء؟
حسنًا، يمكنكم أن تفتخوا أعينكم.

وقت حياتنا النادر

أنا أخمّن عددًا من الإجابات التي ربّما أعطيتموها لأنفسكم. إجابات ممكنة.

ذهبت إلى المكان الذي ذهبت إليه لأنّه بدا لي أنّه من اللطيف أن أقوم بذلك.. نعم، لأنّ هذا يجعلني أكثر سعادة في الأسبوع القادم.
كيف العمل؟ العمل جيّد.
وإلى أين سيأخذني؟
ربّما يتحسّن دخلي؟ وربّما أنّه لن يتحسّن.هل فكّرتم في آخر يوم ستواصلون فيه العمل؟ آه.. إنّ هذا اليوم ما زال بعيدًا وماذا ستفعلون بعده؟ آه ربما نخرج الى الاستجمام، أو نستريح عندما نكون كبارًا في السنّ.
وماذا ستفعلون عندما لا يستطيع الجسم أن يخدمكم أكثر؟ عندها نموت ولكن الأمر ليس مفزعًا..

وعليه، هل استنفدتم معنى حياتكم كإنسان؟

هذه محادثات أخمّن أنّها مرّت في رؤوسكم على هذا النحو أو ذاك. إلّا أنّ النقطة هي أن نتوقُّف، وقبل أن نقوم بأيّ عمل، أن نتساءل لماذا نفعل ما نفعله، لكي لا “نقتل” الوقت أو نضيّعه. وبعدها نمرّ عبر السيناريو إلى الأمام:

– ما الذي سيحدث لي نتيجة لما أقوم به الآن؟
– إلى أين يقودني العمل الذي أقوم به الآن؟
– ماذا سيحدث عندما تنتهي بي الحياة؟
– ماذا سيحدث لي؟

نحن مدعوّون لتمرير هذا كلّه في فكرنا قبل أيّ عمل نقوم به، مهما كان بسيطا وعاديًّا. حتى ولو كان فرك الأسنان. لماذا أفعل ما أفعله. لأنّ هذا وقت من الحياة. صحيح؟ وقت من العمر. إلى أين يذهب هذا الوقت من عمري ولماذا يذهب إلى هناك؟

هذا لا يعني أنّكم ملزمون بالتوقّف عن العمل أو بالتوقّف عن فرك أسنانكم…

كلّ عمل، شغل أو فرك أسنان أو تعلّم من طريق روحانيّ لائق (مهمّ) يمكن أن يكون مهمًّا وذا دلالة كبيرة أو أن يكون بدون معنًى أو غير مهمّ بتاتًا. يمكن أن يوصل إلى الجنّة ويمكن أن يوصل إلى الموت أو إلى ما هو أسوأ من هذا. هذا متعلّق بكم وليس بالعمل المعيّن الذي تقومون به.

إذن الدعوة هي إلى التأمّل العميق في الداخل ومحاولة الذهاب مع الخطّ المنطقيّ التالي:  إذا واصلت القيام بما أقوم به الآن، إلى أين سيأخذني هذا العمل؟
وأن نسمح لفكرنا بأن يذهب إلى النتائج تطلب من هذه الفكرة. قبل أن تدخلوا إلى السيّارة لكي تسافروا حيث أنتم مسافرون لحين الموت نفسه وما بعد الموت.

كيف يساعدني ما أقوم به ويساعد الناس الذين أحبّهم؟ إذن الدعوة هي للنظر في هذه المواضيع ونسأل أنفسنا هذه الأسئلة قبل أيّ شيء نقوم به، لكي تكون دافعيّتنا التي ترافق العمل دافعيّة لائقة.

قبل كل شيء تقومون به حاولوا أن تصلوا الى مكان لكم فيه ما يشبه الاستعراض التلقائي مثل ..الى اين ما اقوم به الان سيقودني..وان تكونوا كل الوقت مرتبطين بدافعيتكم  وبنيتكم .ان لا تعملون بشكل تلقائي.لذا لا تبدأوا من النهاية بل سيروا باتجاه النهاية.الى اسن يأخذني هذا؟

أنا أتناول الآن وجبة. حسنًا، لماذا؟ آه، الطعام شهيّ. هل يوجد لهذا أيّ تأثيرات على متابعة اليوموعلى حياتي حتى الموت؟
حاولوا أن تلطّفوا ما تقومون به لكي يتلاءم مع قصدكم العميق، هدفكم العميق في هذه الحياة، وكيف سيؤثّر هذا عليكم وعلى الآخرين، حتى الموت وربما بعد الموت.
عندها يمكنكم أن تستمتعوا بالوجبة، ولكنكم تعلمون لماذا تتناولون الوجبة. وهذا شيء مختلف تمامًا.
تلك الوجبة يمكن أن تكون عملًا يوميًّا عاديًّا جِدًّا وتلقائيًّا ومادّيًّا جِدًّا، للاستمتاع بالطعام. ويمكن أنّ يكون مقدّسًا جِدًّا يقود إلى مكان رائع.
هذا إذا كنتم تفكّرون قليلًا بما تفعلون. نفس العمل. لأنّنا أصبحنا نعلم، من منكم من تعمّقوا بهذه المفاهيم، بأنّ الأشياء التي تظهر في حياتنا عديمة الكيان بذاتها، بمعنى أنّها تحتاج إلينا لكي نمنحها التفسير بحسب تجربتنا، الإيجابيّة أو السلبيّة ونحن الذين نمنحها مضمونها.

هذا تمرين رائع. إذا باشرتم بممارسته فإنَّكم لن تعرفوا إلى أين ستصلون، وذلك لأنّه هو نفسه ينمو ويتطوّر، في فكركم ينمو ويتطوّر. وبموازاته المعنى في حياتكم يتزايد  ويتطوّر، وبهجة حياتكم تتزايد وتتطوّر، والعمل الأقلّ أهمّيّة يقلّ ويتناقص، والمتعة تتزايد وتكبر، على التوازي

لأنّكم موجّهون نخو شيء ما، تبدأون بخلق معنى في حياتكم. سبق أن ذكرنا أنّ هذا لا يعني بأنّ المعنى الوحيد لخلق ذلك هو أن تصبح راهبًا وأن تسكن الصحراء وأن تقتصر حياتك على الصلاة. نحن لا نقول هذا.

نحن نقول بأنّه يمكن أن يكون هناك مفكّر يلبس عباءة ويصلّي، لكن قلبه وأفكاره “سارحان” في الإنترنت، من يدري، كما ويمكن أن يكون هناك شخص ربّ عائلة يعمل ويقوم على تربية أولاده وحياته مليئة بالمعاني. الأمر متعلّق بنا تمامًا وبالمعنى الذي نعطيه لكلّ لحظة من لحظات حياتنا. هل لحظاتنا هي لحظات عاديّة وبسيطة.

كلّ لحظة كهذه، نقول، تحشد “كارما” (العمل أو السلوك) وتترك في عقلنا، كلّ لحظة، جميع هذه الانطباعات تقودنا إلى مكان ما ونحن نستطيع أن نترك انطباعات سامية ونحن نرعى عائلتنا ونخرج إلى عملنا، ونحن نستطيع، بنفس المدى، أن نترك انطباعات عاديّة عديمة الأهمّيّة (المعنى) ونحن نلفّ أنفسنا بالعباءات (الجُبَب- جمع جُبّة). هذا صحيح وذاك صحيح.

وهذه وظيفة كلّ واحد منّا أن يعطي هذا المعنى، ولا يستطيع أيّ شخص آخر القيام بهذا الشيء من أجلنا. نحن الوحيدون الذين يستطيعون القيام بهذا. هذا هو إذن معنى التمرين المسمّى Kun lun chupa. هذا التمرين الذي يجب أن نقوم به طوال الوقت. من الرائع أن نقوم به في الصباح قبل مغادرة الفراش.

ماذا سيحدث اليوم؟ ماذا سأفعل بهذا اليوم؟ حصلت على هدية – يوم إضافيّ. أشرقت الشمس وقد حظيت بأن أكون شاهدة على ذلك. ماذا سأفعل بهذا اليوم. ما الذي  أنوي القيام به. أيّ معنى سأُعطيه لهذا اليوم، الذي لن يعود. لن يعود! (ما من يوم ينشقُّ فجره إلا ويُنادي: يا ابنَ آدم أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد منِّي فإني إذا مضيتُ لا أعود .. إلى يوم القيامة”).

جي تسونجكافه عن الفرصة الكبيرة
بودّي أن أقتبس من قصيدة جي تسونجكافه الكبير والذي يعتبر أحد كبار المعلِّمين في تراثنا التبتي. بيت واحد من قصيدة مشهورة يتحدّث عن الجسم. يقول::

الجسم هو للفراغ، قيمته أعلى من اللؤلؤة
التي تحقّق كلّ طلباتك،
وهذه هي المرّة الواحدة والوحيدة
التي فيها تلتقي بحياة كهذه.

 إنّه يقول بأنّ الجسم والعقل الذي نحمله الآن، الفرصة المهيّأة لنا الآن لأن نكون داخل الجسم والعقل قيمتهما أعلى من اللؤلؤة التي تحقّق لك كلّ طلباتك.
لنفرض أنّ هناك لؤلؤة تحقّق لك كلّ طلباتك، نوع من الجواهر أو الحجارة الكريمة التي لو عثرتم عليها تكون مثل المصباح السحري المذكور في الأساطير (علاء الدين) والتي تلبي جميع طلباتكم.

ولكنّه يقول: هذا الجسم هو فراغ يفوق كثيرًا اللؤلؤة التي تحقّق لك كلّ طلباتك. 
ولدنا داخل واقع، كلّ واحد منكم ولد هنا ولد في واقع:

– تتمتّعون بالقدرة على القراءة وسماع الأشياء وفهمها
– تتمتّعون بالقدرة تطوير الروح.
– تطوير القلب.
– تطوير الحكمة.
– أنتم تعيشون خالة من الوفرة النسبيّة حتى أولئك منكم من حسابهم في البنك مدين (بالمينوس) أنتم في رخاء لا
– صدَّق بالمقارنة مع بقية العالم.
– كلّ واحد منا يعاني من مرض ما ولكنه يمتلك من الصحّة ما يكفي ليفكّر في هذه الأشياء.
– نملك من الثقافة ما يكفينا لنفهم، لنقرأ.
– هذه الأشياء، هذه المعرفة وصلت إلى بلادكم.

هذه فرصة غير عاديّة. هذا كلّه، يقول، أفضل كثيرًا من اللؤلؤة التي تحقّق لكم كلّ طلباتكم. ولماذا هذا؟ ولماذا هذا أفضل كثيرًا؟

لأنّ اللؤلؤة يمكنها أن تحقّق كلّ ما تطلبونه منها. أمّا هذا الجسم وهذا العقل يمكنهما أن يحقّقا لكم أشياء أكثر من كلّ ما يمكنكم أنّ تتخيّلوه. ولذلك أكثر أيْضًا مما تستطيعون أن تطلبوه.

الظروف المتوفّرة لنا حاليًّا، التي فصّلتها آنفًا (أعلاه) وكثير غيرها يمكنها أن توصلنا إلى مكان مدهش أكثر بكل المقاييس وأكثر مما يمكننا أن نتخيّله الآن.

بعد ذلك يتابع جي تسونجكافه، بالبيت التالي الذي يقول فيه، عندما يتحدّث عن حياتنا وعن الجسم والعقل اللذين نمتلكهما في هذه الحياة، ويقول:

من الصعب جِدًّا أن نجدهما ومن السهل جِدًّا أن نضيّعهما.[1]

من الصعب أن نجد نوعًا من الحياة مثل هذه، وأن نجد جسمًا كهذا وعقلًا كهذا، ومن السهل جِدًّا أن نضيّعهم. نحن جميعًا نعلم. مثل لمعان البرق في السماء، في لحظة يمكن أن يختفي. وعندها يشير علينا:

هكذا الإكثار من التفكير، وشاهد بوضوح
أنّ كلّ الأعمال المادّيّة مثلها
كمثل الريشة في مهبّ الريح.

كمثل الريشة في مهبّ الريح.
نفرض انكم شاهدتم فلم.هل تتذكرون في اليوم الذي يليه ما شاهدتموه؟

ذهبتم الى رحلة،كم من الوقت تتذكروا هذه الرحلة بعد عودتكم منها؟
اسبوع؟ سنة؟
وعلى ماذا حصلتم من هذه الرحلة؟

نفرض انكم ارسلتم صور عند هذه الرحلة.من يهمه هذا الامر بعد اسبوع؟
ماذا قدم لكم هذا؟

هذه الامور هي كمثل الريشة في مهب الريح.لم تعمل شيئا لتقدمكم من حيث ماهية الحياة.لل شيء.

وعليه، اُدعُ من صميم قلبك، كلّ حين،
وتمنَ أن تستنفد بركتهم ليلَ نهار.

وعندها يدعونا لنشاهد بأنّ كلّ عمل مادّيّ نقوم به:

  – هدفه أن يجلب لنا متعة من هذا النوع أو ذاك،
– ليتحسن شعورنا،
– ” لتدليل” جسمنا،
– لنربح المزيد من المال،
– لنرىأشياء أكثر،
– لنسمعالمزيد من الموسيقى،
– لنلتقيمع أصدقاء أكثر

إذا كان هذا هو هدفنا، والتي، بالمناسبة، لا شيء سيّئ في هذه الأشياء، لا شيء سيّئ في هذه الأشياء، ولكنّها لا تستنفد معنى هذه الحياة، وهي لا تسهم بشيء من هذه الناحية.

وهو يقول لنا، باختصار، هذه هي الفرصة الوحيدة التي تتوفّر لكم. لا تفكّروا بأنّه ستكون هناك فرصة أخرى كهذه، لأنّ هذا نادر جِدًّا. إنّها نادرة جِدًّا جِدًّا حتى أنّه يمكننا القول إنّها وحيدة لا ثانية لها.

يأتي مثل البرق ويختفي. وإذا نظرتم إلى الوراء إلى ما مضى من الحياة، عندما كنتم في العاشرة أو الخامسة عشرة، أين هذا؟ يبدو وكأنّه كان هنا الآن واختفى.

إذن، هذا يمضي بسرعة، وعندها تأتي الشيخوخة أو المرض، وعندها يكون صعبًا وعندها يكون قد فات الأوان. وعندها يكون من الصعب القيام بالتأمّل ومن الصعب أيْضًا القيام بالعمل الروحانيّ. وعندها يقول: فكِّروا بهذا، وفكّروا كم فرصة نادرة وكم بسهولة تضيع وتذهب سُدًى. مثل الريشة في مهبّ الريح، مثل الغبار الذي هنا.

جميع الأشياء التي تزعجنا الآن وتقلقنا والتي تسترعي انتباهنا وطاقتنا الآن، كلّ هذه الأشياء يوجد لها القليل القليل من الأهمّيّة. لا شيء تقريبًا. يختفي في لحظة.
هذا كله مثل ذرّة غبار. جميع هذه الأشياء التي تستثمرون فيها طاقتكم وانشغالكم هي لا شيء.

يساعد ان نتذكره خلال اليوم ولا ننسب لهذه الامور الأهمية الغير موجودة أصلا .حاولوا أن تتذكّروا شيئًا ما كرهتموه فعلًا قبل، لنفرض ثلاث سنوات، ربّما كان هذا شخصًا ما لم تحتملوه. هل تستطيعون حتى ذكر أسمائهم اليوم؟ هذا الشيء، هذا الشعور القويّ الذي كان لكم، السلبيّ، تجاه شخص ما، ربّما امرأة سابقة أو زوج سابق، هل تستطيعون تذكُّرهم أصلًا؟ هذا يأتي وهذا يمضي ويختفي.
ولا توجد لذلك أيّ أهمّيّة. كلّ الأشياء المادّيّة هي عديمة القيمة، وهي تمضي وتختفي وكأنّها ريشة في مهبّ الريح.

إذن ما هو الشيء المادّيّ؟ هل العمل من أجل إعالة العائلة هو شيء مادّيّ؟ هل الرهبنة (أن يكون الشخص راهبًا/ ناسكًا) هي شيء مقدّس؟ لا هذا ولا ذاك. الأمر مرهون بنيّتكم/ قصدكم الداخليّ، عندما تقومون بالعمل. (“إنما الأعمال بالنيّات”)

وهناك أشخاص يلبسون مثل المفكّرين (الفلاسفة، الرهبان…) ولكنّهم منشغلون تمامًا بالحياة الدنيا. معنى ذلك أنّ لبس الشخص للجبّة لا يجعل ما ينشغل به عملًا مقدّسًا بالضرورة. هذا لا يعني بأنّ من ينشغل أكثر في شؤون العائلة وإعالتها أنّه إنسان مادّيّ. والعكس صحيح أيْضًا. أريد أن فصل هذا السياق لأنّ الأمر ليس هكذا.

جاء في المرشد لحياة فارس الروحانيات لماستر شنطيدفه ما يلي: في اللحظة التي وجدنا فيها هذا الجسم وهذا العقل وهذه الظروف إذا لم نستعملها لعمل الخير فإنَّ هذا هو الخدعة الكبرى لأنفسنا. ولا جهل أكبر من هذا.

هل يمكنني أن أحكم، وأنا أنظر إلى الخارج، إذا كان هناك من يضيّع حياته سدًى أم لا؟ هذا ما لا نستطيعه. نحن لا نستطيع أن نحكم ماذا يفعل الأشخاص الآخرون.
إذن العمل كما يبدو من الخارج ليس مؤشِّرًا على نيّة الإنسان من الداخل. وبالعكس، يستطيع الشخص أن يظهر بأنّه منشغل بأشياء جيّدة، ولكن ربّما في قلبه شيء آخر.
على سبيل المثال، نحن نشاهد مظاهرات سلميّة والناس ممتلئين بالغضب ويطلقون السهام العقليّة في مظاهرات سلميّة.

مثال آخر – مجال الرياضة الذي يتطلّب استثمارًا عظيمًا كما في سباقات المراثون. هل هذا استغلال جيّد لوقت الحياة؟ هل من يمارسون ذلك أكثر سعادة؟ سباق مراثون، هو بحدّ ذاته ليس جيّدًا أو سيّئًا. إذ أنّه لا وجود له بحدّ ذاته. وهو يمكن أن يكون إضاعة وقت أو أن يكون شيئًا رائعًا. يمكن أن يكون شيئًا يربّي عند الإنسان الصبر المدهش أو قدرة التحمُّل المدهشة أو المواظبة المدهشة. وهذه هي قوى روحانيّة. هذه هي طاقات روحانيّة. إذا وجّهناها إلى القناة الصحيحة يكون هذا الإنسان، على سبيل المثال، أفضل منّا بكثير. لذا لا نحكم. إذن السؤال هو إلى أين يتّجه هذا وما هو المقصود من وراء هذا.

إذن هذا يعني أنّ: العمل الخارجيّ لا يدلّ بالضرورة على الكارما التي يجمّعها ذلك الشخص من خلال هذا العمل وما يقصده. ونختم بدعوة لا للانتظار. ألّا نرفض الفرصة لإمكانية إعطاء معنى لحياتنا. أن نستغلّ كلّ لحظة ولحظة.

كلّ إنسان منّا، راهبًا كان أم غير راهب يجب عليه أن يطمح بكل قوّته تحقيق المعنى
في كلّ لحظة من حياته. هذا ما نوجّه إليه. وه
عندها يقول جي تسونجكافه في الختام في بيت من هذه القصيدة:

أنا اليوغي هكذا تدربت،
كهذا كان تدريبي.
إذا كان قلبك يتوق إلى الحرّيّة 
تعال وامشِ أنت أيْضًا في طريقي!

إذن إذا كان هو يسمّي نفسه يوغي والمقصود ممارس روحانيّ هذا ما فعلته أنا. وهو ينادينا، يدْعونا لتقليده والسير على هذا الطريق. وهو يقول: إذا كنتم تطمحون بالحصول على الحرّيّة، خذوا بنصيحتي، واقتفوا أثري، حاولوا أن تدركوا كم هي مدهشة الفرصة التي وقعت بين أيديكم.

عندها يقول الأشخاص: حسنًا، الحياة صعبة.
وهو يقول: لا تتمسّكوا بهذا الادّعاء، يتوفر لكم كلّ ما تحتاجون إليه. لكلّ واحد منّا هنا يوجد كلّ ما تحتاجون إليه بالضبط، من أجل إنتاج أشياء عجيبة من هذه الحياة.
كلّ واحد منّا يقف على عتبة التنوير.
عقلنا ليس مادّيًّا وهو لا يختفي عندما يختفي الجسم المادّيّ.
إذن، حاليًّا توجد أمامنا فرصة لا مثيل لها. وهذه هي الدعوة لهذه المحادثة. لا تضيِّعوها، افعلوا شيئًا ما ذا معنى مع حياتكم. حاولوا أن تستغلّوا هذه الفرصة.

 هذه هي الرسالة الأولى التي ترسلها إلينا كلّ طريقة روحانيّة لائقة: ما هي القيمة الحقيقيّة للحياة، لاي مدى استغلينا الحياةما هي الحياة الكاملة والسامية التي يجب على الإنسان أن يفكّر فيها مليًّا، وأن يمنحها اهتمامه وانتباهه وأنّ يحصل من هذا العالم على حياة مليئة، كاملة وسامية.

هذه هي النقطة التي أحببت أن أتكلّم عنها وأن أدعوَكم إلى تحويل عقلكم إلى لامع وتحويل قلبكم إلى مُشِعّ وعندها تساعدون الآخرين للوصول إلى هذه الأماكن.

[1] من الصعب جِدًّا أن نجدهما ومن السهل جِدًّا أن نضيّعهما

مثل لمعان البرق في السماء!

سهم

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email

المزيد من المواضيع