عن الحرّيّة والسعادة

­­

مقتبس من محادثة تعليميّة قامت بها لاما دفورا – هلا في المركز الروحاني العرَبة، 2015

ما هي الحريّة بالنسبة إلينا؟

تأمُّل قصير
هذا هو سؤال مهمّ جِدًّا. لذا سنبدأ بتأمُّل قصير وغير رسميّ، لستم مطالبون بالقيام بتحضيرات خاصّة. بكل بساطة تمعّن داخليّ.

اجلسوا مرتاحين وأغمضوا أعينكم.
خذوا هذا الوقت لأنفسكم من أجل أن تنظروا إلى الداخل إذ ربّما تتعلمون شيئًا عن أنفسكم.
ونحن نبدأ مع السؤال المهمّ جِدًّا: ماذا تعني الحرّيّة بالنسبة إليكم؟ ما هي رؤيا الحرّيّة
بالنسبة إلى كلّ واحد منكم؟
فكِّروا لحظة كيف كنتم تجيبون.
لو كنتم تستطيعون تحقيق هذه الحرّيّة بشكل عمليّ في حياتكم، كيف كانت ستبدو؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة إلى حياتكم؟
الآن، هذا هو تأمُّلكم، تستطيعون، بالطبع، أن تسمحوا لأنفسكم بأن تُعطوا الإجابة بكل عظمتها وجلالها دون قيود أو حدود أو تردُّد.
كيف ترغبون في رؤية الحرّيّة في حياتكم.
أعطوا هذه الحرّيّة كلّ العرض، وكلّ العمق وكلّ جمالها.
حاولوا أن ترَوا جوانبها المختلفة. جوانب داخليّة – ما هي الحرّيّة في الداخل؟
جوانب خارجيّة – ماذا يعني هذا بالنسبة إلى الطريقة التي تسير بها حياتكم من الخارج. وبالنسبة إلى محيطكم، وإلى العالم من حولكم.
كيف يتمثّل هذا أو يؤثّر على أفكاركم، وعلى مشاعركم؟
أعطوا هذا كل اللون واللُّوَيْن (الصبغة) والرقّة والجمال الذي يستحقّه هذا الشيء العجيب إلّا وهو الحرّيّة.
والآن في تمعُّننا نقوم بخطوة أخرى واحدة، وننظر هل يوجد فرق (فجوة) بين رؤيانا لحرّيّة كلّ واحد منّا والواقع الذي نجد أنفسنا فيه. هل يوجد فرق واذا كان الأمر كذلك ما هو هذا الفرق؟
وإن وجد هذا الفرق ما الذي يسبِّبه؟ لماذا يوجد فرق؟ 
ما الذي يحول، في هذه اللحظة، بينكم وبين تحقيق حلم حرّيّتكم؟
هل توجد عوائق بينكم وبين الحرّيّة؟
وإذا كان الأمر كذلك فما هي هذه العوائق؟ خذوا لحظة للتمعُّن في ما هي الأشياء التي تستعبدكم.
ما هي الأمور التي تحول بينكم وبين كونكم أحرارً؟
يمكنكم رويدًا رويدًا أن تفتحوا لأعينكم. 

هل الحرّيّة هي أن نكون قادرين على أن نفعل ما نريد؟  

كثير من الناس يقولون: أنا أستطيع أن أفعل ما أريد، حياتي توفّر لي الظروف لكي أفعل ما أريد ومع ذلك لا يشعر هذا الشخص بأنّه حرّ. لأنّ هذه الفكرة سبق لها وجُرِّبت كثيرًا. على سبيل المثال، كانت حركة الهيبِّز في الستينيّات، أليس كذلك؟ “نحن نفعل ما نريد، نتحرّر من القيود، نحن لسنا بحاجة إلى البيوت، نحن لا نحتاج إلى المال، الحبّ الحرّ، الرقص”.

مرّت عدة سنوات وعادوا إلى “الماما” لكي تعطيهم الشيك، ومرت عدة سنوات أخرى حتى تمأسَسوا مثل كلّ الآخرين وعادوا إلى كلّ الأفكار التي نتمسّك بها.

لقد كانت حركة ربّما أنّها جاءت لتعلّمنا من بين كلّ الأمور بأن أعمل كلّ ما يخطر ببالي ليس بالضرورة هو الحرّيّة ولا يمنحنا الحرّيّة بالضرورة.

أسقام روحانيّة

شيء آخر يطرح في هذا السياق وهو موضوع الأسقام الروحانيّة. تلك الأمور التي تعكّر راحة نفسنا والتي تشبه الأحاسيس، والرغبات التي يجب علينا تحقيقها وحتى لو دفعنا سعادتنا مقابلها، ربّما أحْيانًا بثمن باهظ جِدًّا من أجل تحقيق الأشياء التي نريدها وغيرها من الأسقام أضعافًا مضاعفة.

الغضب الذي يسيطر عليّ دون أن أطلب والذي لا سلطة لي عليه دائِمًا أو مشاعر سلبيّة أخرى مثل الغيرة، أو مثل الجشع أو الأمور التي تعشّش عندنا خفية والتي تأتي أحْيانًا وتهاجمنا دون أن نطلب ذلك. ونحن لسنا أحرارًا لأن نعمل كما كنا نريد، كما أنّنا لسنا أحرارًا أن نجرّب كلّ هذا الحيّز المفتوح والحماس والحبّ والعطاء الذي نريد أن نجرّبه لأنّ الأسقام استولت علينا.

الأمر الذي يعني فعلًا، أنّنا إذا قلنا الحقيقة فربما أنّ هذا هو المصدر العميق لعبوديّتنا.  أصحيح؟ هذه العبوديّة التي لا نتحكّم فعلًا بما يحدث في حياتنا. كنّا نريد أن نعمل كما نرغب، ما نريده، ولكن توجد أممنا عقبات إن لم تكن خارجية عندها تكون داخليّة.

إذا توفّر لنا كلّ المال والصحّة وكلّ شيء فإنَّنا ما نزال تديرنا قوًى خارجة عن سلطتنا.    إلّا إذا قمنا بعمل روحانيّ جِدًّا وعميق، فهي تملي علينا حياتنا، وتسيطر علينا ونكون عبيدًا لها.  

إذن تطرّقنا قليلًا إلى إحباطنا، فعلًا. الإحباط الذي هو من جهة أولى ليس من الصعب علينا أن نتخيّل حالة من الحرّيّة ونطمح إليها، ومن جهة أخرى، حتى لو توفّرت لنا كلّ الأمور الخارجيّة نحن ما نزال في هذه الكماشة (الورطة) ورطة الأسقام الروحانيّة،       قوى تدخل أمورًا إلى حياتنا، ربّما تكون غير مرغوبة، ولا نملك السيطرة عليها، أو أنّنا لا نحصل الأمور المرغوبة التي نريدها وهذا الأمر خارج عن إرادتنا.

حتى وإن لم يحدث هذا كلّه، إن وجد شخص ما كهذا، ما زلت لا املك السيطرة على عمليّة هَرَمي. لا حاجة لفعل أيّ شيء. يمكننا أن نقوم كلّ اليوغا وكل التمارين وكل الفيتامينات والطعام العضويّ (بدون موادّ كيماويّة) والمشي في الهواء النظيف، كل الظروف، فإنّ هذا الجسم ما زال يوشك على الهرم، وإن حالفنا الحظّ فهو لن يمرض، ولكن معظم الناس يمرضون. وما زلنا لا نستطيع مقاومة الموت. وهو يعشِّش في داخلنا من لحظة مجيئنا إلى هذه الدنيا. بمجرد أن ولدنا نكون عبيدًا للموت إلّا إذا قمنا بعمل روحانيّ مدهش.

إذن عمليًّا إذا نظرنا، نحن عبيد، ولدينا جميعا الشوق إلى الحرّيّة إلى طريق مفتوح وإلى أن نقطع المعبر.

وإذا نظرنا إلى ما وراء الإجابات التي يعطيها كلّ واحد منّا على هذا السؤال، هو الإحباط من كوننا لا نحقّق ما كنّا نريد تحقيقه في هذه الحياة.

عَلَى سَبيلِ ٱلْمِثالِ رغبتنا في أن نكون قادرين على أن نحبّ بدون شروط.

من الصعب علينا أن نحقّق هذا الشيء الذي هو الأهمّ بالنسبة إلينا، مثل أن نكون قادرين على أن نحبّ بدون شروط، مثل أن نكون قادرين على أن نعطي بدون شروط وبدن حدود، أو أن نحيا بشكل يكون ذا معنى عميق.

وربّما هذا هو إحباطنا الأعمق. الذي ما زلنا لا نعرف، ولا نملك الأدوات لاستنفاد المعنى التير وفّرتها لنا هذه الحياة.   

إذن من هو الذي يسلبنا؟ من هم اللصوص الذين يسلبون حرّيّتنا ويحولون بيننا وبين استنفاد معنى حياتنا؟ 

حصلنا على تلميح واضح على شكل الأسقام الروحانيّة على مختلف أنواعها، القوى الكاراميّة (الخزفيّة؟). لمن لا يعرف المصطلحات الفنّيّة، لو أنّ:

– الأمور التي تظهر في حياتنا ولم نطلبها والتي هي غير مرغوب فيها
– أو الأمور المرغوبة التي لم ننجح في تحقيقها على الرغم من أنّنا نعمل ما نرى أنّه صحيح من أجل تحقيقها.

هؤلاء هم لصوصنا الكبار.

والكلمة الأخيرة هي أنّنا لسنا مسيطرين فعلًا على الوضع، وليس كما كنّا نريد.

هل يمكننا أن نضمن أن تكون لنا دائِمًا أفكار بهيجة وسعيدة فقط؟
أفكار حبّ بدون حدود؟ كنت أريد ولكن هذا لا يحدث دائِمًا. صحيح؟

هل يمكننا أن نضمن ألّا يصيبنا في حياتنا ألم كبير؟  
هل يمكننا أن نضمن ألّا يكون هناك دمار (فَقْد) كبير في حياتنا؟ ألّا نفقد أشخاصًا عزيزين علينا؟ أو أملاك أو صحّة؟ نحن لا نستطيع أن نضمن هذا.

وبما أنّنا لا نستطيع أن نضمن هذه الأمور، في نهاية الأمر، يمكننا أن نقول، وهذا يتلخّص في السطر الأخير بأنّه لا توجد لنا سيطرة. السيطرة التي كنّا نريد أن تكون لنا في هذه الحياة لكي نتمكّن من استنفادها.

والحرّيّة، بأسمى أشكالها، هي الحالة التي فيها نخرج من هذا الحالة حالة فقدان السيطرة. هذه الحالة التي بها لا تصل إلى حياتنا أمور غير مرغوبة. التي فيها نستطيع حقًّا التحكُّم بأفكارنا وأن تكون كلّ فكرة جيّدة تخلق السعادة لي ولغيري.

في البوذيّة نقرأ عن حالة النرفانا (السكينة). الحالة التي فيها لا توجد أمور تعكّر سكينة روحنا، لا شيء كهذا.

ليس أنّه لا يوجد الآن غضب أو غيرة أو جشع وإلخ فحسب إلّا أنّه في حالة النرفانا مَن وصل إلى هذه الحالة فهو يكون قد فقد القدرة على أن يغضب. لا يمكن إغضابه، “غير قابل للغضب” إلى الأبد. إلى الأبد هذا الإنسان لن يغضب وسكينته لن تفتر. إنّه حرّ، إنسان حرّ.

من الصعب علينا أن نتخيّل هذا الوضع. نسميه سَكينة، هذه هي الكلمة التي نترجم بها كلمة نرفانا، والذي فيه توقفت كلّ أسقام روحنا وبذورها، القوة الكامنة لأسقام الروح توقّفت وانتهت أيْضًا.

ونظرنا قليلًا، وتمعّنا قليلًا في هذا الموضوع وهو ما هي الحرّيّة بالنسبة إلينا، وهل نحن مستعبدون، وكيف نحن مستعبدون، وكيف يتخيّل الحرّيّة كلُّ واحد منا في نفسه. ما هي هذه الحرّيّة التي نتوق كلّنا إليها، ولكن لا نناقش في أنفسنا دائِمًا ما هو هذا الشيء الذي نتوق إليه وكيف نصل إليه.

إذن كيف نصل إليه، إلى هذه الطريق، بالطبع. وهذه قصّة طويلة، وممكنة ولن نناقشها هنا.

اكتمال الإيمان، كمال داخليّ

موضوع آخر يطرح هنا وهو مهمّ جِدًّا في طريق كلّ ممارس روحانيّ، بغضّ النظر عن دينه، أو تقاليده وطريقته، وهو اكتمال الإيمان، وربّما هذا هو التجنُّد الكامل لطريقتنا الروحانيّة، للعمل الذي نقوم به، كيلا نقوم بها بشكل جزئيّ أو بتردّد أو مشبّعة بالشكوك، غير كاملة، بطريقة بها لا نسلّم بالطريقة، مشتّتو الفكر، منفصمو القلب.

إذا كنّا موجودين في هذه المراحل فلن تصدح أفواهنا بالغناء، لن نصل إلى الشعور بالسعادة وأن نفخر بما نعرف من الطرق الروحانيّة.

التغنّي بالإيمان يصدح عندما يكون الإيمان كاملًا، عندما نؤمن بكلّ جوارحنا، بكلّ ماهيّتنا ولا تكون لدينا ذرة واحدة صغيرة تعكّر هذا الإيمان.

كتب أحد الشعراء يقول:
قلبي في الشرق وأنا في أقصى المغرب.
وكيف أتذوّق ما آكله وكيف يطيب؟

هذا يعني أنّه منشطر بين اثنتين. في هذه الحالة المكان الذي يريد أن يكون فيه هو الشرق أمّا جسديًّا فهو موجود في الغرب. وهو يكتب مشاعر تنبض من صميم قلبه لأنّ قلبه منقسم أيْضًا. إنّه يشعر أنّه لا يستطيع أن يحقّق طريقه بالكمال والتمام إلّا عند توحيد هذا الكمال حتى لا يكون شرق وغرب إلّا أن يكونا شيئًا واحدًا متكاملًا يستطيع أن يقف من ورائه.

ونحن نعلّم بأنّ هذه الصلة الداخليّة، والتي يعبّر عنها هذا المثال تنطبق على كلّ إنسان في الطريق الروحانيّ. هناك صلة تشدّهم إلى الطريق، شيء ما يحثّهم على السير، إلى البحث، إلى النظر، إلى التمعُّن، إلى التدرُّب ، إلى البحث عن معلّمين، البحث عن توجيه. عندها توجد مرحلة بحث وحيرة وضلال وما شابه.

قوّة الالتزام

في إحدى المراحل لا بدّ من أن تأتي مرحلة الالتزام بالطريق.

الالتزام بالطريق والإخلاص والاستسلام للطريق، للمعلّمين الذين يرشدوننا إلى الطريق، ولأنفسنا، مثل من يتدرّب على الطريق. للاستسلام توجد ثلاثة وجوه:

– للطريق، والذي ينطوي على إيمان بالطريق
– لمن يوجهوننا ويرشدوننا في الطريق
– ولأنفسنا، كمن يمشون في هذا الطريق

عندما يحدث هذا، عندما نكوّن هذه الميزة ميزة الإخلاص والكمال في قلوبنا، عندها المعلِّمون الذين يأتون ويوجّهوننا يكونون بمثابة منشور، ما يشبه العدسة التي تركّز لنا وتنزّل إلينا الحكمة العليا إلى قلوبنا، وتمكّننا من السموّ إلى العالم الذي في الجانب الآخر.

ضروريّ هذا الكمال كمال قلبنا وهذا الانفتاح الكامل وإخلاصنا (استسلامنا) لكي نستوعب هذه الأشعة التي تنطلق عبر هذه العدسة عبر هذا المنشور وإلّا فإنَّنا لن نستطيع استيعابها.

نحتاج إلى جهاز الاستقبال لا إلى جهاز البثّ.

يحدث الاستيعاب بسبب نقاء وصفاء قصدنا. يمكنكم القول بأنّ نقاء القصد هو كلمة مرادفة لكمال الإيمان أو كمال الإخلاص. وكلّما استطعنا تطوير هذه أكثر، قصدنا وكمال قلوبنا، لتوحيد الشرق والغرب ونجعلهما شيئًا واحدًا فإنَّ إنجازاتنا تعلو وتزدهر.

هذه الحالة من الإيمان الكامل، ومن الإخلاص والاستسلام الكامل غير المتشعّب هو حيويّ ويتحول إلى شيء هو الأهمّ في حياتنا.

عندها كلّ النتائج التي تحدّثنا عنها أمسِ والتي نتوق إليها، الحرّيّة المطلقة، السعادة السامية الذي يتوفّر لنا إذا مشينا الطريق حتى نهايتها، هذه كلّها مرتبطة برباط متين   بقدرتنا على الاستسلام وعلى قرارنا بأن نستسلم.  

قدرتنا، تعني أيْضًا استعدادنا وقدرتنا على التخلي عن استملاكات لا تدعم الطريق. لأنّ وقتنا محدود. نحن لا نستطيع القيام بالأمور التي لا تدعم وكذلك الأمور التي تدعم لأنّنا عندها لن نصل.

لأنّنا عندما نكون مشتّتين وعندما يكون فكرنا مشتّتًا طاقتنا لا تكون كاملة، ولا نستطيع استثمار ما يكفي من الطاقة ومن عزوم القوّة لكي نخترق، لكي نصل. وعندها النتائج تُكبَت بالضرورة. نحن نحتاج الى هذا الانفتاح الكامل للقلب، ونحن بحاجة الى تركيزنا وحماسنا للطريق من أجل أن نكون قادرين على أن نصمد أمام الصعوبات التي تصادفنا في الطريق وتحقيق نتائجها.

وإذا اشتغلنا على إلغاء الأنا الخاصّ بنا عندها سنجرّب المعجزات كما يتحدّثون عنها في لبطرق الروحانيّة.

الشخص الذي احتفظ لنفسه بزاوية داخليّة من الأهمّيّة الداخليّة، الافتخار بالنفس لا يستطيع أن يرى المعجزات. كما أنّه لا يستطيع تذوّق المكان السامي. الاستملاكات الأرضيّة، والتي هي مختلفة، والتي هي ليست في الطريق، وغير موجّهة إلى نفس الاتّجاه. عندها حتى استملاك واحد صغير في الحياة، بأمور أرضيّة، في نهاية الأمر  توصلنا إلى هذا المكان من الأهمّيّة الذاتيّة التي نحن معتادون عليها كثيرًا وهذا ينحرف بنا عن الطريق التي تقودنا إلى ما سامٍ إلى ما هو من الجهة الأخرى.

لذا هيا بنا ننظر لحظة إلى أنفسنا نغمض عينينا للقيام بتأمل قصير.

اجلسوا بشكل مريح. أغمضوا العينين.

ركّزوا لعدّة لحظات على التنفّس.

وتمعّنوا قلوبكم، هل طريقكم كاملًا، أو لنقل بطريقة أخرى، هل أنتم متوافقون بقلبكم   مع الطريق، هل تقدّمون كلّيّتكم لطريقكم الروحاني؟ 

أو أنّ هناك احتمالًا أنّ تكون الطريق في الشرق ولكن جزء من قلبكم في الغرب؟

واذا كان هذا هو الحال إذا كانت هناك درجة تشتّت كهذه أو تلك، ما الذي يعيقكم؟ ما الذي يعيق كونكم متّحدين وكاملين ومتناغمين تمامًا مع الشيء العزيز والمهمّ في حياتكم ألا وهو طريقكم الروحانيّ؟

ما هو الشيء الذي يعطي حياتكم معناها العميق؟

ما هو الشيء الذي لا ترغبون في مغادرة هذا الجسم قبل أن تحقّقوه؟

وما هي البذور التي على كلّ واحد منّا أن يزرعها والتي تمكّننا من أن نخطو في الطريق بشكل موحّد، كامل، مليء بالفرح، نرقص نحو السعادة؟

يمكنكم أن تفتحوا عيونكم.

إذن تحدّثنا عن الحرّيّة، عن الخروج من العبوديّة إلى الحرّيّة. هذه الحرّيّة التي نتطلّع إليها. العالم الساحر السماويّ، المليء بالبهجة، الذي نريد أن نحقّقه لأنفسنا، أمنية نفسنا العميقة، الكامنة في أعماق قلبنا، لأن نكون قادرين على أن نكون بركة لجميع المخلوقات، وأمور ربّما لم نحلم بأنّها ممكنة. الأمور التي من أجلها نمشي الطريق والتي تمنح حياتنا المعنى.

كلّ هذه البركة الكبيرة تتوفّر لنا إذا استطعنا أن نكوّن في قلبنا الإخلاص والاستسلام الكامل وغير المتشعّب الإيمان الكامل: إيماننا بالطريق، بمن يرشدوننا في الطريق، الإيمان بأنفسنا نحن الذين نخطو في الطريق. هذا الإيمان الكامل هو الذي سيزرع البذور من أجل أن نتمكّن من تحقيق أهدافنا.   

ما كان هذا إلّا القوة الكامنة للخروج إلى التحرّر. لم نتحرّر بعد ونحن ما زلنا مستعبدين في السجن الذي نسميه  “سمسرة” (تناسخ الأرواح)، في هذا السجن سجن القوى التي تسيطر على حياتنا، والتي لا نستطيع حاليًّا التحكّم بها، والتي تأتي أحْيانًا بأمور غير مرغوبة في حياتنا أو أنّها تأخذ منّا أمورًا نحبّها في حياتنا أو أشخاصًا نحبّهم في حياتنا.

نحن لا نستطيع دائِمًا السيطرة على عقلنا. عقلنا يوفّر لنا مفاجآت ليست مطلوبة على شكل أسْقمة روحانيّة تسيطر علينا في لحظة ونحن أمامها بلا حَول ولا قوّة.

وهكذا مع أنّنا طوّرنا طاقتنا الكامنة ما زالت الطريق إلى الحرّيّة أمامنا.

إذن نحن بحاجة إلى شيء غريب يتطلّب الطهارة، وهو ضروريّ من أجل الانتقال إلى المرحلة التالية والتي تخرجنا فعلًا من مكان عاديّ، من مكان المعاناة، من مكان العذاب الى الحرّيّة والقدسيّة.

وحبّذا لو سألنا أنفسنا السؤال: كيف فعلًا نخرج إلى الحرّيّة؟ إلى الوجود الطاهر (النقيّ) والسامي؟ 

امامنا جميعًا توجد عقبات مختلفة تحول بيننا وبين الحرّيّة. عقبات تتعلّق بالمشاكل الاقتصاديّة، مثل، مشاكل في العلاقات، مشاكل في الصحة. ونحن نلاحظ وجود عقبات داخليّة أمام الحرّيّة وهي أسقامنا الروحانيّة، حالات الغضب التي تسيطر علينا والتي لا سيطرة لنا عليها، تأنيب الضمير بسبب الأمور أمور ربّما قمنا بها والتي من الصعب علينا أن نتحرّر منها. ونحن يسن فكّيْ هذه الكماشة كماشة الشعور بالذنب. نحن لسنا أحرارًا.

تحدّثنا من قبل عن الاستملاكات التي نمتلكها، قسم منها قويّ، حتى أنّها تستعبدنا ولا تمكّننا من الخروج إلى الحرّيّة.

وهناك أيْضًا الكارما.  وهي تلك الانطباعات الذهنيّة التي جمّعناها بواسطة أعمالنا في الماضي والتي تسكن داخل عقلنا والتي تنضج عندما يحين وقت نضجها، دون أن نعرف السيطرة على هذه العمليّة حاليًّا، وتدخل إلى حياتنا أمورًا لا نطلبها لأنفسنا بالذات، أو أنّها غير مرغوبة، ومع ما هو غير مرغوب يضطروننا إلى التخلي عمّا هو مرغوب.

نقول بأنّ هذه الأعمال، هذه الانطباعات، هي نتيجتها، جاءت نتيجة للأسقام في روحنا وبشكل خاصّ من الجهل، لكوننا ما زلنا لا نفهم معنى ما نقوم به.

إذن هذه الأمور كلّها وغيرها يمكن أن نستمرّ في تعدادها، هذه كلّها تستعبدنا (تتحكّم بنا).

وهي لا تمكّننا من السموّ إلى واقع أكثر ارتفاعًا، إلى واقع كوننا مخلوقات ذات معرفة كلّ شيء، مخلوقات تعيش في متعة متواصلة لا تتوقّف. كما أنّنا لا نقول مخلوقات بل كيانات.  

الكيان الموجود في متعة متواصلة لا تتوقّف، وقلبه مليء بالحبّ غير المشروط وهو لا يتلاشى وهو واحد ومتساو في نفس القدر لجميع المخلوقات. كيان مع رحمة كاملة، كيان سعيد سعادة لا تخبو ومع قدرة غير محدودة لمساعدة المخلوقات. ملائكة مع معرفة وحبّ وقدرة للقيام بذلك. 

إذا كنّا نقارن حالتنا اليوم مع هذا الوصف للكيانات الكاملة، السماويّة، عندها سيكون من الواضح وضوح الشمس بأنّه يوجد عمل كبير يجب القيام به. عمل كثير للقيام به وعمل مهمّ، مهمّ جِدًّا، يمكنه فعلًا أن يخرجنا إلى الحرّيّة، يمكنه أن ينقّي عقلنا من كلّ ما يعكّره.

وكيف نقوم بذلك عمليًّا؟

في تعلّمنا نحن نتحدّث عن طريق مؤلّف من ثلاثة تدريبات، ثلاثة تدريبات غريبة. وإذا بدأنا من النهاية إلى البداية:

التدريب بالحكمة

لكي نتمكّن من تحقيق الحرّيّة علينا أن نكتسب الحكمة العالية، الـ
(prajna paramitta)، كمال الحكمة، الحكمة التي تنقل إلى الجانب الآخر. هذه هي الحكمة التي تنقلنا في نهاية الأمر إلى الحرّيّة، النرفانا – السكينة (nirvana).

ولكي نحقّقها علينا الإيمان بالحكمة، نحن بحاجة إلى إيمان شاذّ (كبير) بالحكمة. لماذا يكون شاذًّا؟ لأنّنا نستطيع أن نتمرّن بأمور مختلفة مثل العزف على البيانو أو ركوب الدراجة الهوائيّة أو أيّ شيء آخر، في البناء، في القصارة وتركيب السقوف وإلخ.

لكن هنا وعلى العكس من كلّ تدريب آخر، فإنَّ هذا التدريب يحقّق لنا السعادة، وينهي معاناتنا. إذن هذا هو شيء شاذّ. إذن هذا هو تدريب ضروريّ للوصول إلى السكينة (النرفانا).

نحن نقول بأنّ هذه الحكمة، الحكمة التي تنقلنا إلى الجانب الآخر، هي حكمة تفهم طبيعة الواقع على حقيقته، والتي بجهلنا ما زلنا لا نفعمها حقًّا.

كما أنّنا سمّينا هذا مشاهدة مباشرة للفراغ أو تجربة مباشرة للفراغ، الطبيعة الإنذاريّة لواقعنا.

وعندها قلنا: كيف نحصل على هذه الحكمة؟ علينا أن نشاهد انعدام الوجود الذاتيّ للأمور قبل ذلك. كيف نشاهد ذلك؟ هذا الشيء يمكن أن نشاهده بواسطة التأمل العميق.

الإيمان بالتأمّل

إذن نحن بحاجة قبل كلّ شيء إلى تأمّل عميق، قبل التدريب الشاذّ على الحكمة.

نحن بحاجة إلى التدريب الشاذّ على التأمّل والتركيز.

وهذا يشمل التعليم ولكن بالأساس بالأساس بالأساس بالأساس التدريب. التدريب الشاذّ والرقم الثاني هو التدريب على التأمّل، للحصول على التركيز على نقطة واحدة والكامل، لتحقيق السيطرة على عقلنا، القدرة الكاملة للتركيز على كلّ شيء نختار التركيز عليه وأن نبقي هناك عقلنا بحسب اختيارنا.

الذين سمعوا تعليمًا بوذيًّا، من المحتمل أنّهم سمعوا بأنّ حكماء البوذيّة القدامى ساووا بين عقلنا وبين الفيل المتوحّش الذي نريد تدجينه وهو يذهب إلى حيث يرغب ولا إلى حيث نرغب نحن.

وعليه كما كانوا يربطون الفيل بعامود ويدرّبونه، للعقل نعطي شيئًا ونقول له: اجلس على هذا الشيء، ابقَ مع هذا الشيء، ابقَ مع هذا الشيء، عُد إلى هذا الشيء، ابقَ مع هذا الشيء.

يحدث شيء مدهش، إذا داومنا على هذا التدريب. ينتقل عقلنا إلى مراحل أعلى بكثير وتكون مباركة أكثر.

قلنا بأنّنا نريد عقلًا كهذا لكي نرى الفراغ، انعدام الوجود الذاتي للأشياء.

لكي نصبح قادرين على رؤية الطبيعة الإنذاريّة للواقع نحتاج إلى عقل يكون مثل البِركة هادئة جِدًّا، هادئة هادئة تمامًا وصافية تمامًا أيْضًا. الحكمة تستطيع أن تنعكس فقط إذا لم تكن هناك أيّ أمواج مهما كانت صغيرة أو كبيرة على سطح هذه البركة. واذا كانت صافية نستطيع أن ننظر إلى قعرها بدون أيّ صعوبة.

هذا هو الهدف من الإيمان التأمّليّ: الحصول على عقل هادئ جِدًّا وصافٍ جِدًّا.   

ليس من الصعب أن نفهم العَلاقة بين الإيمان بالتأمّل والإيمان بالحكمة. نحن بحاجة إلى هذا العقل القويّ، الهادئ والصافي لكي نرى الحكمة التي من الصعب رؤيتها ولو كان ذلك سهلًا لكنّا جميعًا رأيناها بسهولة. من الصعب جِدًّا. إنّها رقيقة جِدًّ.  النظر بمستويات لم نتعوّد عليها في حياتنا اليوميّة.

إذن، هيا بنا نقون بتمرين صغير خاصّ بالتمعّن/ التأمُّل.

أغمضوا أعينكم .

حاولوا قدر استطاعتكم أن تضعوا جانبًا للحظات جميع الأمور التي خارج هذه الغرفة، كلّ ما في البيت، وفي الأماكن الأخرى وأن تكونوا هنا الآن.

أن تكونوا بكل بساطة مع أنفسكم وأن تنظروا داخل عقلكم.

والسؤال الذي أقترح أن توجهوه إلى أنفسكم الآن هو أن تنظروا إلى العقل وأن تشاهدوا هل عقلكم حقًّا هو هذه البركة الهادئة والصافية.

من أجل مساعدتكم في هذا التمرين كنت أقول: حاولوا أن تستعرضوا مجالات مختلفة في حياتكم. ربّما فكروا للحظة في حياتكم العائليّة، ماذا يحدث هناك، كيف يكون ردُّكم على الأشخاص المختلفين في عائلتكم.  

ربّما انتقلوا إلى مكان عملكم، إن كان لكم مثل هذا، هل يوجد هناك هدوء وصفاء ومتعة أم أشياء أخرى؟  

يمكنكم أن تتمعّنوا المجتمع الذي تعيشون فيه، المدينة أو البلدة التي تعيشون فيها. يمكنكم أن تنظروا إلى مستوى الدولة التي تعيشون فيها، المنطقة التي تعيشون فيها، كلّ الحالات المختلفة التي بها عقلنا يتجاوب مع يحدث في حياتنا وهذا يشمل أنفسكم، ربّما، أجسامكم. حاولوا أن تشاهدوا إلى أيّ مدى يوجد هدوء وسكينة وصفاء، أو ربّما على العكس، توجد أمواج على وجه البِركة، صغيرة أو كبيرة أو كبيرة جِدًّا. أمور تزعجكم أو تحزنكم أو تجعلكم عاجزين أمامها، أمور تبتلع فرحكم وسكينتكم. هل يوجد صفاء في عقلكم، هل عَلَى سَبيلِ ٱلْمِثالِ يمكنكم أن تنظروا إلى الأمام وتروا ما في المستقبل، أو هل تستطيعون أن تروا ما يحدث على بعد معين منكم أو على بعد عدّة كيلومترات منكم؟

هل يمكنكم أن تروا العدد اللا – نهائي للكيانات التي في عالمنا؟

واذا وجدتم، مثلي، بأنّ العقل ليس هادئًا وصافيًا كما كنا نرغب عندها ما هو الذي يشوّش وما الذي يعكّر العقل؟ 

يمكنكم رويدًا رويدًا أن تفتحوا أعينكم.  

عندها ربّما يوجد شيء ما رأيتموه، يقطع هدوءَكم أو سعادتكم أو أنّه لا يوجد أيّ شيء كهذا؟

من التجربة يتضح أنّ هناك حاجة إلى ظروف إضافيّة لكي ينجح تدريبنا التأمُّلي ويقودنا إلى هذا العقل الهادي والصافي.

يجب القيام بشيء آخر. لأنّ قسمً منكم يتدربون كثيرًا ومع ذلك العقل لا يزال ليس هناك وهو لا يزال ليس هادئًا وليس صافيًا.

الإيمان بالأخلاق                                                                                                                

نحن نقول بأنّ هناك أمور كثيرة وظروف كثيرة يجب أن تتوفّر من أجل أنّ ينجح تأمُّلنا، وقد تعلّمنا عنها في أحد الدروس، ولكن قبل كلّ شيء، أوّلها، الأخلاق المحافظة على الأخلاق.

وهذا هو التدريب الثالث الشاذّ والذي هو الأوّل من ناحية التدريبات، وهو التدريب على الأخلاق. والذي إذا قمنا به بشكل جيّد يفسح المجال أمام تأمّل ناجح وهذا يسبّب التدريب بالحكمة وهذا يمكّننا من تحقيق الحرّيّة.  

عَلَى سَبيلِ ٱلْمِثالِ إذا جلسنا للتأمّل وحاولنا تهدئة العقل والتركيز على شيء معيّن، إذا كان عندنا ما يعكّر ضميرنا سيكون من الصعب جِدًّا علينا الجلوس بهدوء مع هذا الشيء خاصتنا لأنّه يوجد هناك ثقل يوجد هناك وزن.

نحن نسمّي هذا كارما التي فعلنا والتي تقيّدنا، وتجذبنا. وهي ثقيلة جِدًّا. وهي تسيطر وتتحكّم بطاقتنا حتى نتعلّم تنقية هذه الكارما.

وبلغة أخرى تأمّلنا لا يمكن أن ينجح بدون المحافظة على الإخلاص بدون أن نحافظ على كود أخلاقيّ.

عند سماعنا كلمتي “كود أخلاقي” في كثير من الحالات يتداعى إلى فكرنا، الآن يوجد شيء ما يقيّدني، أنا ملزم بالانصياع إلى قواعد معيّنة وهي من المحتمل أن تقيّد حرّيّتي.

ولكن إذا نظرتم إلى التطوّر المنطقيّ الذي قمنا به الآن، فإنَّ ذلك بالعكس تمامًا. الكود الاخلاقيّ الذي نلتزم به ونحافظ عليه فإنَّه هو الذي يمكّننا من الحرّيّة وبدونه لا نستطيع الوصول إلى الحرّيّة الحقيقيّة. وقد سبق لنا وسقنا مثالًا على أن أعمل ما يخطر ببالي ليس من الحرّيّة في شيء كما وصفنا ذلك في الافتتاحيّة.

ماتيا ريكار عالم ومدرّب مشهور قال من الروعة أنّ النذور التي حصل عليها، وهو مدرّب لسنوات طويلة، هي الأجنحة التي تمكّنه من أن يطير إلى الحرّيّة.

إذن من جهة أولى التأمّل الذي عملناه قد يهبط بنا نوعًا ما، لأنّنا يجب أن ننظر وأن نقول الحقيقة عمّا يعكّر سكينة روحنا، وليس من المريح أن ننظر إلى هذه الحقيقة لأنّ هذه أمور غير لطيفة بالضرورة.

من جهة ثانية، إذا نظرتم إلى هذا كشيء يمكِّن، وإذا رأيتم هذا وجهًا لوجه ولا تهربون منه وتقولون عن هذا الحقيقة، أوّلًا لأنفسكم، فإنَّ ذلك يمكِّنكم من أن تبدأوا بتنقية ذلك والانتقال إلى المرحلة التالية.

عَلَى سَبيلِ ٱلْمِثالِ، أنت تفهم بأنّك ملزَم بالامتناع من قول الكذب وليس لكونه قد يؤذي الآخر بل لأنّه قبل كلّ شيء يؤذيك أنت نفسك. أنت لن تستطيع بعد ذلك أن تحلِّق لأنّ ذلك يعكّر ضميرك. يكون لك عقل متعكِّر لا يمكِّنك من التحليق. أنت تدرك بأنّك إذا تؤذي أيّ شخص فإنَّ ذلك يعكّر سكينة روحك.

نلتقي بأشخاص أساءوا إلى زوجاتهم أو أسأن إلى أزواجهنّ وبعد سنوات يبقون مع الشعور بالذنب حتى أنّ هذا الشعور بالذنب وتأنيب الضمير يستعبدانهم.

أنا أعتقد أنّه من كلّ القوى في العالم ليس هذه هي القوّة النوويّة ، بل هذه القوة التي شديدة العبوديّة.

وعليه فإنَّ الكارما التي تأتي نتيجة إساءة أو نقض لقواعد الإيمان، عن عدم حفظ الأخلاق وهي مقيّدة ومكبّلة جِدًّا وهي لا تمكّننا من التحليق إلى الحرّيّة.

وعندها تصبح آداب الأخلاق فجأة مهمة جِدًّا وبدونها لا نستطيع التحرّر. وبدونها، وبدون المحافظة على الكود الأخلاقي نواصل المعاناة. وعندها ليس هذا ما قاله بوذا فحسب، بل قالته كيانات سامية أخرى.

الطريق الروحانيّ اللائق تمنحنا قواعد أخلاقيّة وعلى هذه نحن ملزمون بالمحافظة.

هذه هي بداية الطريق إلى الخلاص، إلى النجاة، إلى التحرّر، إلى الحرّيّة العميقة التي ستتحقق.

لكلّ تقاليد لائقة لذاتها يوجد كود أخلاقيّ. وإذا لم يكن لها كود أخلاقي فهي غير لائقة لذاتها وهو لا تستحق أن نسير على خطاها.

وبطرق لائقة قديمة نزل إلينا كود أخلاقيّ. مع رسالة: والآن على هذا حافظوا. هذا يجعلكم مقدّسين. هذا يمكّنكم من الانتقال إلى المرحلة التالية، إلى عالم آخر. لتتقدّموا درجة مقدّسة لوجودكم.

حكماء بالطرق الروحانيّة يقولون بأن هذه هي طريق الحياة لأنّه بدون كود حفظ الأخلاق لا طعم للحياة. وهم يقولون بأنّ هذا هو الخير الحقيقيّ الذي لا مثيل له، واحد ووحيد

 

 

 

سهم

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email

المزيد من المواضيع